سوريون: إسرائيل فى الجنوب «عينى عينك».. وأمن الشرع «لا يسمع لا يرى لا يتكلم»
11.12.2025 14:34
اهم اخبار العالم World News
الدستور
سوريون: إسرائيل فى الجنوب «عينى عينك».. وأمن الشرع «لا يسمع لا يرى لا يتكلم»
Font Size
الدستور

لا تزال أصداء الانتهاكات الإسرائيلية فى الجنوب السورى مستمرة حتى الآن، وسط تصاعد الغضب الشعبى من قوات الأمن السورية، التى لا تتخذ أى موقف تجاه هذه الانتهاكات غير المسبوقة فى جنوب البلاد، والتى وصلت إلى ريف القنيطرة، وتضمنت اقتحام المدن وإطلاق الرصاص على المدنيين الأبرياء.

وتداول نشطاء سوريون، على مواقع التواصل الاجتماعى، خلال اليومين الماضيين، مقطع فيديو لا يمكن تصوره، يتمثل فى مرور رتل من الأمن العام السورى عبر حاجز أقامته القوات الإسرائيلية داخل بلدة «خان أرنبة» الواقعة على الطريق بين دمشق والقنيطرة، وهو ما أثار سخرية وغضب كثيرين، ليس من مواطنى سوريا فقط، بل من جميع أبناء الوطن العربى.

وفى حديثهم مع «الدستور»، أعرب عدد من المواطنين السوريين عن غضبهم الشديد من تلك المشاهد، مؤكدين أن بلادهم أصبحت مُباحة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلى، وسط تجاهل تام من قوات الأمن، التى أصبحت ترفع شعار: «لا أرى.. لا أسمع.. لا أتكلم».

محمود الأفندى: إسرائيل شنت 2000 غارة جوية لتحويل الجيش إلى «وجود رمزى»

قال أستاذ العلوم السياسية الدولية، الدكتور محمود الأفندى، إن ما يحدث فى الجنوب السورى امتداد لسنوات من إعادة تشكيل ميزان القوى بين سوريا وإسرائيل، مشيرًا إلى أن الوقائع تعكس بوضوح التحولات التى بدأت منذ اتفاقية عمّان المتعلقة بإبعاد القوات الإيرانية عن الجنوب السورى.

وأوضح الأفندى أنه كان شاهدًا على أحد اللقاءات السياسية الحساسة التى جمعت الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو عقب تلك الاتفاقية؛ حين حاول بوتين طمأنة إسرائيل بأن القوات السورية لن تشكل تهديدًا مستقبليًا، إلا أن نتنياهو قدّم موقفًا أكثر وضوحًا وصراحة، قائلًا: «أنا لا يعنينى شكل الحكم فى سوريا، ما لا أريده هو دولة سورية قوية على حدودى».

وتابع: «هذا الموقف هو الأساس الذى بُنيت عليه الاستراتيجية الإسرائيلية الراهنة تجاه سوريا».

وأضاف أن النظام السورى، منذ عام ٢٠١٨، يتعرض إلى ما يشبه «العقاب الاستراتيجى» من قِبل إسرائيل، بسبب دعمه الواسع لحزب الله وبرامج تطوير الصواريخ.

وأشار إلى أن نتنياهو صرّح علنًا- خلال نقاش داخل الكنيست مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب - بأن إسرائيل أسقطت بشار الأسد، وهو تصريح يعكس حجم التدخل الإسرائيلى فى إضعاف الجيش السورى وتفكيك بنيته عبر الضربات الجوية والاستخباراتية.

وشدد على أن إسرائيل شنت نحو ٢٠٠٠ غارة جوية خلال فترة قصيرة، مستغلةً غياب الحماية الروسية للأجواء السورية، واستهدفت منظومات الدفاع الجوى ومخازن الذخائر والصواريخ ومراكز القيادة. ونتيجة لذلك، أصبحت القدرات العسكرية السورية اليوم «رمزية»، محصورة فى الأسلحة الخفيفة، ما يجعل أى مواجهة مع إسرائيل غير ممكنة عمليًا.

وذكر أن إسرائيل تعتمد استراتيجية تقوم على إضعاف سوريا ومنعها من استعادة دورها التاريخى كدولة مركزية، عبر ثلاثة محاور رئيسة؛ التدخل العسكرى المكثف، واستغلال الانقسامات الطائفية والعرقية، وتعزيز حالة الفوضى الداخلية بين المكونات السورية لضمان عدم ظهور قوة وطنية قادرة على إعادة بناء الدولة.

وبخصوص المشهد الذى ظهر مؤخرًا فى خان أرنبة، حيث وقف رتل سورى مسلح قبالة نقطة تمركز إسرائيلية دون أى رد من الجانبين، وصفه الأفندى بأنه «يعكس حقيقة ميزان القوى القائم».

حسام خرباش:  السيادة أصبحت مجرد عنوان

 

رأى حسام خرباش، أحد أبناء ريف «القنيطرة»، أن مرور رتل من الأمن العام السورى عبر حاجز أقامته القوات الإسرائيلية داخل بلدة «خان أرنبة»، ليس تفصيلًا بسيطًا يمكن تجاهله، فرؤية حاجز إسرائيلى بهذا الشكل داخل الأرض السورية، وعلى مرمى البصر من السكان، هو «أمر مُهين ومؤلم لكل سورى يشعر بالانتماء لهذه الأرض».

وأضاف «خرباش»: «الرسالة التى يريد الاحتلال الإسرائيلى إيصالها واضحة: أنه قادر على التوغل متى شاء وأينما شاء، دون أن يجد من يردعه. هذا المشهد استفز الناس هنا بشدة، لأننا نرى قواتنا تمر بحذر أمام جنود الاحتلال، دون أن يكون هناك موقف واضح أو رد يليق بالحدث».

وواصل: «السكان يعيشون حالة غضب وقلق شديدين، ويشعرون بأن أمنهم مُهدد، وأن السيادة أصبحت مجرد عنوان، ونخشى أن يتحول هذا الحاجز إلى مقدمة لمرحلة جديدة من الضغوط الإسرائيلية على المنطقة، فإذا كان الاحتلال قادرًا على إقامة حاجز داخل بلدة سورية، فما الذى يمكن أن يفعله لاحقًا؟».

وأكمل: «الأهالى ينتظرون موقفًا أكثر وضوحًا من الجهات الرسمية. نحن ندرك الظروف التى تمر بها البلاد، لكن ذلك لا يعنى القبول بفرض واقع جديد على الحدود. ما جرى رسالة خطيرة، وإذا لم تتم مواجهتها سياسيًا وأمنيًا، قد نشهد خطوات أشد استفزازًا فى المستقبل».

واختتم بقوله: «أصوات الناس هنا يجب أن تُسمع. الجنوب السورى لن يقبل أن يتحول إلى ساحة مفتوحة للتهديدات. نحن بحاجة إلى حماية حقيقية تعيد الطمأنينة للناس، وتؤكد أن هذه الأرض ما زالت لنا، وأن السيادة ليست قابلة للمساومة».

حيدر كامل: الجنوب يعيش أخطر مراحله منذ سنوات

قال حيدر كامل، مواطن سورى، إن الجنوب السورى يعيش مرحلة هى الأخطر منذ سنوات، بعدما تحول إلى ساحة مفتوحة أمام التهديدات الإسرائيلية المتواصلة، وسط غياب كامل لردع فعلى من الجهات الأمنية والعسكرية السورية.

وأضاف «كامل»: «المشاهد المتكررة لعبور الدوريات الإسرائيلية على مقربة من النقاط السورية، دون رد أو حتى استعداد دفاعى، أصبحت أمرًا يثير الريبة والغضب بين السكان»، معتبرًا أن «التطورات الأخيرة فى محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء تكشف بوضوح عن أن إسرائيل تتعامل مع الجنوب كمنطقة نفوذ يمكنها التحرك فيها بحرية، سواء من خلال القصف الجوى، أو الاستعراض الميدانى أو التوغلات المحدودة».

وواصل: «المؤسف أن كل هذا يحدث والقوات السورية تقف فى وضع المتفرج، بلا رد، بلا تحذير، وبلا حتى رسائل سياسية تظهر أن السيادة الوطنية ما زالت موضع اعتبار»، مشيرًا إلى أن أحد أكثر المشاهد وضوحًا لهذا الواقع كان عبور رتل من مركبات الأمن السورى بالقرب من حاجز مستحدث للقوات الإسرائيلية داخل الأراضى السورية، والذى ترك صدمة كبيرة لدى الناس، فالقوات الإسرائيلية كانت ثابتة داخل آلياتها، دون اتخاذ أى وضعية قتالية أو دفاعية، وكأنها تعلم مسبقًا أن الجانب السورى لن يتحرك.

وأكمل: «هذا السلوك يعكس مدى الثقة التى تمتلكها إسرائيل فى أن القوات السورية لن توجه أى رد حتى لو اقتربت من العمق السورى. هذا الإحساس الأمنى الإسرائيلى يمثل إهانة للسيادة الوطنية ومؤشرًا خطيرًا على اختلال ميزان الردع».

وتابع: «المدنيون فى الجنوب يشعرون بأن أمنهم لم يعد بيد الدولة، بل بيد تفاهمات غير معلنة، وتحركات إسرائيلية لا تجد من يقف فى وجهها. نعيش كسكان الجنوب السورى اليوم حالة من القلق والغضب المتراكم، نتيجة استمرار الاعتداءات الإسرائيلية دون رد مماثل من الجانب السورى».

وقال المواطن السورى: «عندما نرى أن البلد يُقصف، ونقاط الحدود تُخترق، وأن قواته المسلحة تمر أمام قوات الاحتلال دون أى مواجهة أو حتى اعتراض، فمن الطبيعى أن نشعر بفقدان الأمان والثقة»، مضيفًا: «الجنوب السورى، الذى كان تاريخيًا خط التماس الأول، أصبح اليوم ساحة مفتوحة تستخدمها إسرائيل لإرسال الرسائل الإقليمية والدولية، بينما الدولة السورية غير قادرة على اتخاذ موقف عملى لحماية المدنيين».

وأضاف: «المسألة لم تعد مجرد خرق حدودى أو استهداف عسكرى، بل أصبحت عملية ممنهجة لإضعاف الجنوب السورى وفرض واقع جديد. لذا نحذر من أن استمرار هذا الوضع يؤدى إلى مزيد من تراجع هيبة الدولة السورية فى الجنوب، ويزيد من غضب الشارع الذى يرى أن أمنه وحدوده وكرامته أصبحت مكشوفة أمام الاحتلال. إذا لم تغير القوى الأمنية أسلوب تعاملها، وتعيد بناء قوة ردع حقيقية، فإن الجنوب السورى سيتجه نحو مرحلة أكثر خطورة، يكون المواطن فيها الضحية الأولى».

Leave Comment
Comments
Comments not found for this news.